ادّعاء النبوة، تهديد مجموعةٍ من الإعلاميين، الإساءة إلى “دولةٍ صديقة”. هي التّهم التي سيقت ضدّ نشأت مجد النور، أو ما أصبح يُعرف مؤخّراً بـ “النبي”، أو الحكيم، كما يحلو لكارمن شماس أن تناديه!
واستناداً إلى هذه التهم أُلقيَ القبض عليه مؤخّراً، فأصبح بذلك النبيّ المزعوم خلف القضبان!
نشأت ترك صولجانه أخيراً، بعدما شكّل لأيّامٍ نكتةً ساخرةً لدى اللبنانيين والمصريين على حدٍّ سواء. هو في المبدأ لم يُسِئ مباشرةً لأيّ دين، وتهديداته للصحافيين والناشطين وإن كانت مُدانةً، غير أنّها صادرةٌ عن شخصٍ غير مسؤول، شخصٌ يحسب نفسه “كاراكتيراً خيالياً”، فهل هو قادرٌ مثلاً على خسف الأرض بنا أو تحويلنا لأقزام؟ أو هل يملك صولجانه قوّةً خارقةً، تغيّر مسار الكرة الأرضية فيغرقنا في الزلازل والبراكين والويلات!
وفي السياق نفسه، يمكن تأطير تهمة إساءته للشعب المصري، فحوى الإساءة مرفوضٌ تماماً، وإهانة شعبٍ بأكمله أيضاً من أيٍّ كان غير مقبولة. ولكن السؤال هنا: من الشخص المُهين؟ من يتابع نشأت يجزم بأنّه “كراكوز”، وأنّ الذي أمامه شخصيةٌ غير سويّةٍ غير متّزنةٍ. ما يطرح فرضيتين الأولى أن يكون هذا الشخص “البسيط” قد تعرّض لاستغلالٍ من مضيفته كارمن شماس التي تبحث ربما عن نسب مشاهدةٍ تعيد لها البعض من نجوميتها، أما الفرضية الثانية فأن يكون هو وشماس “انلطشوا” ببساطة.
فهل يمكن أن يعمد شخصٌ سويٌّ إلى منع المصريين من دخول مجموعته الفيسبوكية؟ وأن يعلن هذا المنع بطريقةٍ مسرحيةٍ وكأنّه حرم هذه الفئة من الجنة!
انطلاقاً من كلّ ما سبق ومن واقعنا اللبناني، لا يمكن قراءة مقاضاة نشأت، وتوقيفه، إلاّ على أنّها مسرحيةٌ بحدّ ذاتها، مسرحيةٌ هزليةٌ في بلدٍ هزليّ. لقد ادّعى النبوة؟ وإن يكن؟ أيّ أذًى سببه هذا الادعاء لأيٍّ من اللبنانيين؟ أيّ كارثةٍ حلت بنا!
هناك من ادّعى يوماً أنّ عهده الأقوى، وهناك من بشّرنا بـ “جهنّم”، وهناك من وعدنا زيفاً وبهتاناً بالإصلاح والتغيير. فكان العهد الأظلم، وحقاً وصلنا للجحيم، أما الإصلاح فاستُبدِل بفسادٍ تعشعش في كلّ مفاصل الدولة!
أما عن تهديد الإعلاميين؟!
ففي تاريخنا السياسي رئيسٌ منع إعلاميةً من دخول قصر بعبدا، وأهان أخرى وآخر يوم كان رئيساً لتيار، وقال لأحد الزملاء “ما بتوصل لتحت زناري”؟!
أما عن الإساءة لدولةٍ شقيقة! فهنا المهزلة الحقيقية.. ونحن دولةٌ محكومةٌ من دويلةٍ وعهدٍ، أساءا لعلاقتنا مع كلّ العرب، وببركة حزب الله وورقة التفاهم كانت المقاطعة الخليجية، وببركتهما أيضاً لا سفراء بيننا وبين الدول، وببركتهما أيضاً وأيضاً أوقفت العلاقات التجارية مع بعض الدول العربية بفضل فاكهة “الكبتاغون”!
إذاً، “النبي” نشأت لم يرتكب واحدًا بالمئة مما ارتكبته الطبقة السياسية، فهو – على علّاته – لم يرسل عناصرَ مسلّحةً إلى عين الرمانة مهدداً بورقة الحرب الأهلية، لم يعطّل الحكومة، ولم يتدخلّ بعمل القضاء…
“النبي” نشأت، لم يسرقنا، لم يدفع بنا إلى الهجرة، ولم يقل لنا “اللي مش عاجبه يهاجر”!
إن كانت الدولة تريد التحرّك، وتوقيف المدّعين والمهددين، والمسيئين إلى الدول الصديقة، فلتبدأ بالسياسيين، ورجال الدين، ورؤساء الأحزاب الإلهية.. وبعدها لننظر بأمر نشأت، فربما حينها نأتي به رئيساً فيُمني علينا بمعجزةٍ ما ونمحو عهداً كان الأكثر ظلاميةً في تاريخ لبنان!