جاء في “نداء الوطن”:
برزت أمس أزمة جديدة تجسدت بالإعلان عن عدم تقاضي أكثر من 6000 مواطن من المتعاقدين والاجراء والمياومين وغيرهم في القطاع العام، رواتبهم وتعويضاتهم نهاية كانون الثاني الجاري، ربطاً بعدم قدرة وزارة المالية على سدادها قانوناً بسبب عدم تجديد عقودهم في مجلس الوزراء… وفور شيوع الخبر، سارع المسؤولون إلى تقاذف كرة المسؤولية باتجاه بعضهم البعض، وسط تركيز على رفض رئيس الجمهورية ميشال عون طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي توقيع قرارات استثنائية تتصل بموظفي القطاع العام.
وعلى الأثر، أصدرت رئاسة الجمهورية بياناً أوضحت فيه أنّ رفضها توقيع مثل هذه القرارات ينطلق من كونها ترى أنه “من المتعذر إصدار موافقات استثنائية في ظل حكومة غير مستقيلة ولا هي في مرحلة تصريف الاعمال”. وإذ شددت على أنّ “الحل المناسب هو في انعقاد مجلس الوزراء لدرس هذه المواضيع واصدار القرارات المناسبة في شأنها”، بدا واضحاً أنّ رئاسة الجمهورية تحمّل في بيانها “الثنائي الشيعي” مسؤولية مباشرة عن عدم تقاضي المتعاقدين والأجراء والمياومين أتعابهم نهاية الشهر باعتبار أنّ “أي تأخير قد يحصل في معالجة حقوق المتعاقدين والأجراء والمياومين وغيرها من الحقوق والموجبات المالية وغير المالية، تتحمل مسؤوليته الجهات التي تعطل انعقاد جلسات مجلس الوزراء”، مجددةً التشديد على وجوب عودة الحكومة إلى الاجتماع “في أسرع وقت ممكن تفادياً لمزيد من الأضرار التي تلحق بالدولة ومؤسساتها وبالعاملين فيها، مدنيين وعسكريين، فضلاً عن ضرورة مناقشة مشروع قانون موازنة العام 2022 وعرض خطة التعافي المالي فور انجازها”.
وفي المقابل، رأت مصادر وزارية أنّ “التيار الوطني الحر” تعمّد تصعيد هذه الأزمة عبر الدفع باتجاه رفض رئاسة الجمهورية توقيع الموافقات الاستثنائية كما طلب رئيس الحكومة، كاشفةً أنّ ميقاتي كان قد اتفق مع عون في 5 كانون الثاني على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب والتوقيع على موافقات استثنائية تتعلق ببدلات النقل (مقطوع شهري للاسلاك العسكرية والامنية)، وزيادة بدل النقل إلى 65 ألف ليرة للقطاع الخاص و64 ألف ليرة للقطاع العام، والهبة المالية أو المساعدة الإجتماعية (منح شهر ونصف شهر من قيمة الراتب لموظفي القطاع العام عن شهري تشرين الثاني وكانون الاول 2021)، فضلاً عن تجديد عقود المتعاقدين مع الدولة اللبنانية.
وبموجب هذا الاتفاق، أرسل رئيس الحكومة في اليوم التالي، أي في 6 كانون الأول الكتاب إلى رئيس الجمهورية لتوقيع الموافقات الاستثنائية، إلا أنّ المفاجأة أتت من خلال تبديل عون موقفه والتمسك بوجوب انعقاد مجلس الوزراء لاتخاذ القرارات المناسبة بهذا الخصوص، وهو ما اعتبرته المصادر بمثابة “ورقة ضغط” قرر رئيس “التيار الوطني” جبران باسيل استخدامها سواءً في وجه رئيس الحكومة لتمنعه عن دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، أو في مواجهته المفتوحة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، باعتبار شريحة كبيرة من المتعاقدين في القطاع العام هي محسوبة سياسياً على بري، مستفيداً من كون مجلس الوزراء لم يقرّ تمديد عقودهم في الملاكات العامة كما درجت العادة سنوياً بسبب عدم انعقاده قبل نهاية العام.