في بلد الغرائب والعجائب لبنان، تنفصل الحياة الواقعية عن تلك المدرجة في طوابير القوانين والمشاريع، ففي لبنان مرّ عامان على فقدان اللّيرة اللّبنانية قيمتها بشكل تصاعدي متعمّد مقابل الدولار الذي أصبح على مشارف الثلاثين ألفاً، إنّما لا تزال الرواتب تُحتسب على سعر الصرف الرسمي الذي لا يزال يُسجّل 1,508 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد، فحتّى الدوائر الرسميّة تعتمد السعر الرسميّ بما فيها الجمارك.
وبانتظار السلّة الإنقاذية الشاملة، تدور في الكواليس أحاديث أبدت رغبة في رفع تكلفة الجمرك، فوزير المال السابق غازي وزني، جهّز للمشروع وكان قد أعلن عنه، فوزني كان يدرس تعديل سعر الدولار المستخدم في تسديد التعرفة الجمركية إلى ما بين 3900 ليرة لكل دولار و8 آلاف ليرة. لكن بعد ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازية الى أكثر من 25 ألف ليرة، فإنه بحسب المعلومات سيعتمد السعر ما بين 10 و12 ألف ليرة مع بداية السنة الجديدة.كيف ستنعكس إذاً هذه الزيادة على السوق المحليّة وكيف سيتأثّر المواطنون؟
في حديثه للدّيار أكّد الخبير الإقتصادي مصطفى المشرف أنّ زيادة الدولار الجمركي سترفع حتماً أسعارالسلع الإستهلاكية بشكل كبير ومضاعف لأنّ السوق الوطنية تعتمد على السلع المستوردة بنسبة 85%، فمن البديهي أن ترتفع الأسعار في الأسواق لأنّ الشركات ستزيد حكماً أسعار منتوجاتها التي ستشملها الزيادة على الرسوم الجمركية.
ويتخوّف مشرف من زيادة إيرادات الدّولة من قطاع الجمرك مقابل رفع نسبة عجز اللّبنانيين عن شراء احتياجاتهم خاصّة وأنّ الرواتب لا تزال على حالها والحدّ الأدنى للأجور لا يتخطّى 30$!
في المقابل، أكّدت مصادر وزارة المال للدّيار أن الموادّ الأساسية لن تتأثر بزيادة الدولار الجمركي، على اعتبار أن الرسوم الجمركية عليها تراوح ما بين صفر و5%، بما يعني أن رفع الدولار الجمركي سيشهد زيادات بأقل من 0.5% على السلع والمواد الغذائية.
في سياق متصّل، بدأت أصوات التجّار والمستهلكين على حدّ سواء تتعالى في أفق الأسواق خوفاً على المصير.
جورج تاجر خردوات منذ أكثر من 25 عاماً، يستورد بعض السلع ويشتري البعض الآخر من تجّار محليّين يقول للدّيار:» تجارياً مرت علينا أوضاعاً سيّئة للغاية، إنّما خلال هذين العامين شهدنا كتجّار أسوأ فترة، فالإرتفاع المستمرّ في سعر صرف الدولار أثّر سلباً على النسب الشرائية ويأتي اليوم الحديث عن رفع الضريبة الجمركية ليزيد الطين بلّة حيث سيؤثّر علينا كتجّار سلباً، فعملنا سيتراجع ويتقلّص، ونتخوّف من عدم قدرتنا على شراء المزيد من البضائع والسلع لعرضها في متاجرنا. فنحن كمستوردين غير قادرين على تأمين السيولة اللّازمة لدفع الرسم الجمركي الذي سيزيد بنسبة 158.62% إذا اعتُمد سعر الدولار الجمركي 3900 ليرة للدولار، إضافة إلى زيادة قيمة الضريبة المضافة بالنسبة عينها وهذا يتطلّب مزيداً من السيولة غير المتوفّرة في السوق حالياً».
في السياق عينه، المستهلكون هم كبش المحرقة، فمع تصاعد سعر صرف الدولار في السوق الموازية، تنخفض القدرة الشرائية عند الجميع خاصّة الموظفين، ذوي الدّخل المحدود، فلن تكون إذا الزيادة الجمركية حلّاً إنّما نقمة.
ففي تقريرها، أفادت الدّولية للمعلومات أنّ الحكومة تقوم بدراسة سبل زيادة الإيرادات، ومن الخيارات المطروحة زيادة سعر الدولار الجمركي من 1,507.5 حالياً إلى 12 ألفا أو 14 ألفا أو 20 ألف ليرة، ويبدو أن سعر الـ 14 ألف ليرة هو الأكثر رجحاناً، وفي حال اعتماد هذا السعر سوف ترتفع الرسوم بنسبة 833% وهذا ما يؤدي إلى زيادة في اسعار معظم السلع والبضائع بنسب مختلفة.
كتبت باميلا كشكوريان السمراني في” الديار”