لم تكن التمنّيات الطيّبة التي وجّهها اللبنانيون بعضهم إلى بعض لمناسبة حلول السنة الجديدة كافية للغالبية العظمى منهم لإقناعهم بأن سنة 2022 يمكن أن تحمل معها الخير والسلام والاستقرار للبنان.
فخلافاً لتلك التمنّيات، لا تحمل مؤشّرات السنة الجديدة أيّ آمال باحتمالات الخروج عن المسار الجهنّمي الذي دخلته البلاد منذ بضعة أعوام، وتفاقم في العامين الماضيين، بعدما اعتُمد تاريخ السابع عشر من تشرين الأول 2019، نقطة التحوّل نحو السقوط المروّع عن حافة الهاوية التي تأرجح عليها البلد على مدى أعوام، الى منحدر لا قعر له، ما دام كلّ يوم يمرّ، يحمل معه المزيد من التأزم ويمعن في الغموض حيال آفاق الحلول والخروج نحو التعافي.
ليست المؤشرات السلبية الخطيرة لما ستحمله السنة الجديدة إلّا نتاجاً واقعياً لما انتهى إليه العام المنقضي، ما يجعل من الصعوبة بمكان التنبّؤ بأيّ إيجابيات يمكن أن تنطوي عليها الأسابيع والأشهر المقبلة في ظلّ استحقاقين سياسيين أساسيين تحكّما بالمشهد الداخلي في 2021، وسيسيطران حكماً على هذا المشهد في 2022، ألا وهما الانتخابات النيابية أولاً ثم الرئاسية لاحقاً، إذ بات واضحاً أن لا حدّة الأزمة الاقتصادية ولا الانهيار المالي ولا الانفجار الاجتماعي المرتقب في أيّ لحظة، تمكّنت من شدّ أنظار الطبقة السياسية، أو حازت اهتمامها، تمهيداً لإرساء معالجات كفيلة بلجم الانزلاق الجهنّمي الحاصل.
لا يزال الخطاب السياسي الطائفي والزبائني طاغياً على ما عداه أمام هول الاستحقاقات المقبلة على البلد، التي سيكون لها أثرها الكبير في الاستمرار في تعطيل الحياة السياسية والبرلمانية والإجرائية، بحيث تكون 2022 امتداداً لما كانت عليه 2021، مع مزيد من التأزم، إن على صعيد استمرار فقدان الثقة والعجز عن استعادتها أو إحيائها، أو على صعيد العجز عن السير في الإجراءات المطلوبة لإطلاق مسار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، الذي تصل بعثة منه منتصف هذا الشهر لهذه الغاية.
لا شك في أن كل مؤشرات المواقف السياسية الأخيرة لا تبشّر بأن الأمور ذاهبة الى حلحلة. فالإطلالة العقيمة لرئيس الجمهورية حملت أسئلة ولم تحمل أجوبة ينتظرها اللبنانيون من رأس الهرم في البلاد. كما أنها أساءت الى الرئيس بعدما عجزت عن خلق دينامية سياسية انطلاقاً من المبادرة التي أطلقها والدعوة إلى حوار لم يلقَ استجابة من أيّ فريق سياسي باستثناء فريق الرئيس نفسه، كما ورد في كلمة رئيس “التيّار الوطني الحرّ” #جبران باسيل. وفيما لم تحمل كلمة سيّد العهد أيّ جديد قابل لفتح باب النقاش الجدّي والعقلاني، بعدما تعاملت القوى السياسية بخفّة مع الاقتراحات التي أثارها في ما يتّصل باللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة والاستراتيجية الدفاعية أو خطة التعافي الاقتصادي، جاءت كلمة باسيل لتؤكد أن التيّار قرّر في المدّة الباقية من العهد السير في خريطة الطريق التي رسمها عون في كلمته.
وقد بدا واضحاً أن العزلة التي واجهها باسيل أخيراً في خسارة حلفائه، دفعته الى إعادة النظر في التحالف مع “حزب الله”، واضعاً في الكفّة الأخرى من ميزان التحالف استدراج عروض أميركياً، بعدما قدّم جردة بالتضحيات التي قدّمها على مذبح التفاهم، ولم يلقَ في مقابلها ما يرتقي الى مستوياتها.
هل رفع باسيل السقف من أجل شدّ العصب المسيحي بعد تراجع مقلق في شعبية التيّار، وعجز عن إرساء تحالفات مضمونة، علماً بأنه كان لافتاً عدم تصويبه على زعيم “المستقبل” واكتفاؤه بالتصويب على رئيس المجلس ورئيس “القوّات اللبنانية”؟
الثابت بعد كلمتي عون وباسيل وتلك المرتقبة غداً للأمين العام لـ”حزب الله” أن البلاد دخلت السيناريو الأسوأ سياسياً وأمنياً واقتصادياً ومالياً، وأن الأشهر الأربعة المقبلة الفاصلة عن موعد الاستحقاق الانتخابي ستكون حافلة بالألغام والمطبّات التي لا قدرة اقتصادية أو مالية أو حتى اجتماعية للبلاد على تحمّلها.
المصدر: news scopes