بين معطيات ايجابية توحي للبنانيين بحلولٍ وانفراجات لأزمة المحروقات، يحضر اللبناني نفسه في الضفة الثانية لأزمة غاز حادة على المدى القريب سيشهدها مع قدوم فصل الشتاء. فمن المتوقع خلال الاسابيع القادمة ارتفاع سعر قارورة الغاز بعشرة اضعاف عما كانت عليه سابقاً، لا بل وشحّ كبير في المادة مع حلول فصل الشتاء، لتنقطع بذلك آخر وسائل التدفئة عند اللبناني. ومع التجربة المسبقة للمحروقات، فالآمال شبه مقطوعة من جهود استيراد الغاز من مصر رغم إدراك المسؤولين أهمية تسهيل هذه العملية التي ستعطي لبنان دافعاً قوياً في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. ورغم توافره بالسوق حاليا” الا ان الازمة قادمة! فما هي جذور المشكلة؟ وما الذي ينتظر المواطنين في حال انقطاعها؟ وما دور الدولة في هذه الحالة؟ أسبابٌ فوضويّة تأتي المعابر الغير شرعية والتهريب للبلدان المجاورة بالطليعة خاصة مع غياب سياسة الرقابة الحدودية للدولة أما بالنسبة لزيادة الأسعار فالسبب الرئيس أيضا” يكمن في ان الشركات المستوردة للنفط تدفع “بالفريش دولار” في حين ان الوزير يعتمد أسعار مغايرة يمكن ان تخلق نزاعات كبيرة مع التجار ومع التلاعب الكبير بسعر صرف الدولار يمكن للشركات المستوردة أن تمتنع عن تسلم البضاعة كون تقلبات الدولار السريعة ستسبب لهم خسارة كبيرة، الا في حال اعتماد الأسعار بالدولار وهو ما سيكون ثقلا على كاهل المواطن الذي سيندفع مع التلويح بأزمة الغاز الى زيادة الطلب بالتالي تسريع عملية شح المادة.
السوق السوداء يتفاوت سعر المحروقات مع الارتفاع والانخفاض العالمي لسعر هذه المادة ويتأثر لبنان تلقائياً بهذه المعادلة مع وجود السوق سوداء للدولار، وقد تدفع هذه الازمة بعض التجار للاحتكار واستغلال شح المادة بخلق سوق سوداء للغاز كما هو الحال مع المحروقات بالتالي ارتفاع الأسعار بشكل مضاعف عن سعرها الاساسي ومن السيناريوهات الكبيرة المحتملة احتكار الغاز من قبل شركات الاستيراد ذاتها وهي عبارة عن ٦ او ٧ شركات ليقوموا بتوزيع قسم ضئيل منها، ويبقى لهم القسم الأكبر لاحتكاره في ظل ارتفاع سعر الصرف اليومي للدولار.
دور الدولة يفترض أن يتمثل دور الدولة بفرض سياسات ردعية تمنع هذه الشركات من الاحتكار لمادة الغاز، وعرض تسعيرة رسمية ملزمة تراضي الطرفين “اللبناني والشركات المستوردة” مع مراقبة ومحاسبة المخلين وبما ان الدولة فشلت في إدارة ازمة المحروقات فعلى اللبناني ان يضيف في سجل أزماته اليومية مادة الغاز على رأس القائمة. ومع غياب الحلول أي من المواد الاساسية ستلي الغاز في الأيام القادمة؟
“عائشة الكيلاني – The North Life Magazine”