على الصعيد المصرفي والمالي لم تعد مسألة الاقتحامات المسلحة للمصارف مجرد عمليات يمكن ضبطها او وضعها تحت مسميات استعادة الحقوق بالقوة، بل تحولت فوضى تُنذر بكارثة أمنية واجتماعية اذا لم تتدارك السلطة ان دورها في هذا الوضع يتجاوز مسألة احصاء الاضرار، والتدخّل كوسيط محايد.
وقد بدأت تبرز مخاوف من تفلّت أمني غير مسبوق، قد ينتقل من المصارف الى مؤسسات وأماكن أخرى، بسبب الانهيار المالي الذي بدأ يصيب الناس في صميم حياتهم اليومية.
واذا كانت المصارف قد أقدمت أمس على ما يشبه «بق البحصة»، وطلبت من الدولة ان تتحمل مسؤوليتها كمسبّب رئيسي في الانهيار الذي وصل اليه البلد، فإنّ الحكومة لا تزال تُحاذر مقاربة هذا الموضوع بجرأة وحزم وعدل في آن. وهي بدلاً من ان تُسارع الى لعب دورها، تكتفي بمحاولة النأي بالنفس، وهذا الموقف لا ينفع في أزمة من نوع الأزمة التي يمر بها لبنان حالياً.
وفي المعلومات، انّ المصارف عادت الى طرح فكرة الاقفال في انتظار ان تنجز الحكومة أمرين اساسيين:
اولاً – إنجاز التشريعات الضرورية لتحديد حقوق وواجبات كل من المودعين والمصارف في آن.
ثانياً – خطة أمنية مُحمكة تحمي حياة الناس، وبينهم الموظف والمودع ومن يحاول اقتحام المصرف عنوة. فمن حق كل هؤلاء ان تضمن السلطة أمنهم وتمنع تعريض حياتهم للخطر. كذلك، على السلطة ضمان حقوق المصارف وممتلكاتها، مثل كل المؤسسات العاملة في لبنان.
وفي المعلومات ايضا، ان خطة امنية خجولة وسرية وضعت في السابق، ولم تتجرّأ الحكومة على الاعلان عنها لئلّا تظهر وكأنها تقف مع المصارف ضد المودعين. هذا النهج لا يحمي ولا يكفي، وهذا ما أثبتته الاقتحامات المسلحة التي حصلت في اليومين الاخيرين. وبالتالي، لا بد من خطة امنية صريحة وواضحة تحمي الجميع، ولا بد من تشريعات توضح الحقوق والواجبات، ولا بد من خطة إنقاذ تحدّد للمودع متى وكيف سيحصل على وديعته في المستقبل.
الجمهورية