تشهد البلاد العربية بشكل عام إرتفاع كبير لنسبة العنوسة في مجتمعاتها، ويتصدر لبنان قائمة هذه الدول بأعلى معدل عنوسة حيث بلغت 85%، وذلك بحسب تقرير نشرته وكالة “الأناضول”.

لم يأتِ الخبر مفاجئًا للبنانيين بالإجمال، فهذه النسبة موجودة منذ أعوام، وفق الدراسة التي أجرتها إذاعة هولندا العالمية في كانون الأول 2013.

فتأخُّر سن الزواج فرض نفسه كمتحكمٍ مباشر بالإرتباط الزوجي جرّاء التكاليف الباهظة التي يتطلبها، وأيضًا بسبب ارتفاع معدّل البطالة والهجرة الكبيرة للشباب اللبناني للعمل خارجًا، خصوصًا الذكور منهم.

علمًا، أنه بحسب التقرير الذي أعدته ” الدولية للمعلومات”، في متابعة لملفّ المهاجرين اللبنانيين الذين لمعت أسماء كثيرين منهم في بلاد الإغتراب، سجّل عدد المغادرين من لبنان خلال العام 2018 حوالي 34,502 لبنانيًا، وفي العام 2017 فقد وصل العدد إلى 18,863، يقابله 11,650 مغادر في العام 2016.

في المقابل، يُعد الغلاء المعيشي أحد أبرز العوائق التي تواجه مريدي الزواج، ممّا يُتَرجَم تأخّرًا في سن الزواج عند الجنسَين، يليه ارتفاع أسعار الشقق والعقارات، وبعده تأتي التجهيزات المنزلية والفرش وجهاز العروس.

من ناحية أخرى، يترسّخ عامل إستقلالية المرأة عن الرجل أكثر فأكثر، فبعدما كانت تعوّل على زوجها للحصول على موارد مالية لكل الأمور، أصبحت تحصّل دخلها بنفسها وتتخطّى قيمة دخلها أحيانًا قيمة دخله هو، الأمر الذي يغني من استقلاليتها وقدرتها على المضيّ بحياتها وحيدة.

هذه العوامل وغيرها جعل جانبًا واسعًا من الشباب اللبناني يقرر أن يصرف النظر عن موضوع الإرتباط الرسمي، ويبتعد عن الزواج بسبب الضغوط الإجتماعية والإقتصادية، فيما تعتقد بعض الفتيات أن النصيب لم يأتِ بعدُ أو يقلن إنهن لم يجدن الشريك المناسب.

اذًا، تُعتبر “العنوسة” داء يضرب الهرم السكاني، خصوصًا أنّ المجتمع اللبناني يعاني من هجرة الشبان ما يفقد الوطن قواه العاملة، ويضرب بنية إقتصاده. 

من هنا، ينتظر الشباب اللبناني زوال الفساد المستفحل في المؤسسات، الإدارات، والقطاعات الإقتصادية، ليستطيع العيش في كرامة ويتمتع بالحدّ الأدنى من المعيشة اللائقة ما يشجّعه على الزواج والإنجاب، وعندها ينعم البلد بتوازن سكّاني وتنخفض نسبة العنوسة المستشرية حاليًا.

(لبنان الجديد)