محليات

خطّة «النهوض» على ظهر الفقراء: زيادة الـ«TVA» إلى 15%

By Suzan Salma

May 24, 2022

تضمّنت خطة «نهوض القطاع المالي»، زيادة 40% على ضريبة القيمة المضافة (TVA) من 11% إلى 15%. هذه الزيادة ستزيد الأعباء الضريبية على المستهلكين والكلفة المعيشة بين 3 أو 4 أضعاف وفق الباحث الاجتماعي “أديب نعمة”. وفي مقابل هذا العبء، سيتصدّر التقشّف واجهة العمل الحكومي لتزداد حدّة الفقر وعمقه في مختلف أبعاده.لم تختلف الحكومات المتعاقبة بعضها عن بعض، والهدف هو زيادة إيرادات الخزينة، ورغم أنه كان يفترض أن تمثّل الأزمة فرصة للإصلاح الضريبي، إلا أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي اتفقت مع صندوق النقد الدولي على زيادة الأعباء الضريبية، وتم إقرارها في الجلسة الأخيرة.في هذه الفترة، سجّل التضخّم في الأسعار ما نسبته 825%، وهذه ضريبة هائلة وحدها، لذا، فإنّ تحميل المستهلك فاتورة الانهيار في الإيرادات العامة أيضاً من خلال زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى 15% ليس سوى وصفة لمزيد من الفقر، فهذه الضريبة ستصبح مضاعفة مرات عدّة إذا اقترنت بزيادة في الدولار الجمركي.قبل أن تتحوّل إلى حكومة تصريف أعمال، سيتم «توسيع القاعدة الضريبية». لم تحدّد هذه الخطّة ما المقصود بهذا التوسيع، وما إذا كان يشمل إعادة النظر بالسياسات الضريبية انسجاماً مع السياسات الاقتصادية المنوي تطبيقها في فترة «النهوض»، بل أدرجت الزيادة بالشكل نفسه الذي درجت عليه الحكومات السابقة.

أشار المدير العام السابق للمحاسبة في وزارة المالية “أمين صالح” إلى أن “الحسبة أكبر من ذلك بكثير، إذ إنه قبل احتساب ضريبة القيمة المضافة، هناك ضريبة أخرى ستزاد وهي: إعادة النظر بسعر صرف الدولار الجمركي. التوقعات تدور حول احتسابه وفق سعر منصة صيرفة، ما يؤدي إلى زيادة في الرسوم الجمركية على السلع المستوردة بنحو 15 ضعفاً». وفوق هذه الزيادة ستضاف أكلاف النقل والتأمين والتفريغ والعمولات، قبل احتساب ضريبة القيمة المضافة». بمعنى أوضح، إن مفاعيل ضريبة القيمة المضافة ستكون هائلة بعد كل هذه الزيادات، وستزداد وطأتها على المستهلك بشكل هائل”.

الزيادة إلى 15% سترفع كلفة المعيشة مباشرة بين 3 و4 أضعاف

لم تقدّم هذه الخطّة سوى توزيع غير عادل للخسائر وغير هادف أيضاً. فالمشروع الاجتماعي الوحيد المقترح، هو مشروع زبائني بكل تفاصيله يقوم على ما يسمى «شبكات الأمان الاجتماعي»، و«برامج الأسر الأكثر فقراً». وهذا المشروع، كما يراه مستشار التنمية والسياسات الاجتماعية ومكافحة الفقر أديب نعمة هو «معزول وجزئي» لأنه «يطال فئات ضيقة جداً وتحكمه الزبائنية». ففي مقابل التعويض الزبائني المحكوم بنظرة متخلّفة للسياسات الضريبية، فإن «زيادة ضريبة القيمة المضافة إلى 15% سترفع كلفة المعيشة مباشرة بين 3 و4 أضعاف». ويشير إلى أن «صندوق النقد الدولي، على علّاته، يدعم الضرائب التصاعدية والتضامنية الاستثنائية للتخفيف من وطأة الأزمة. وهذا ما رآه بعض كبار المصرفيّين طروحات شيوعية».

لذا، يعتقد أن المقترح بهذه الزيادة هو «عملية إفقار جماعية ومستدامة» تترافق مع التدهور العام في الخدمات كالطبابة والتعليم. أما تبعاتها فهي تصيب «الفقراء والطبقات الوسطى والعليا أيضاً. لكن المتضرّر الفقير سيزيد فقراً، وبالكاد سيكون قادراً على تلبية حاجاته الغذائية مع ارتفاع نسبة اعتماده على مساعدات الأقارب أو الدولة أو المنظمات غير الحكومية». هؤلاء، وفق نعمة، «لم تختلف نوعية حياتهم إنما زادت أوضاعهم صعوبة، أما الطبقات الوسطى فهي في غالبيتها الساحقة شهدت تدهوراً، فضلاً عن تغيّر نمط حياتها. لذا، فإن الفئات الوسطى الدنيا ستصبح فقيرة حكماً، والفئات الوسطى الوسطى ستزداد أوضاعها سوءاً».في النتيجة، يدخل لبنان في فترة ما بعد الانتخابات النيابية منعطفاً أشد خطورة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي يصفه نعمة بـ«الكارثي»، سيتعمّق أكثر مع إقرار خطة النهوض وضرائبها.الضرائب هي إحدى الأدوات الاقتصادية التي يمكن استعمالها لتصويب التفاوت في المجتمع ولإعادة ضخّ الأموال حيث النقص. الدولة تجمع الضرائب، لكنها تنفق في المقابل، وبالتالي فهي عملياً تقتطع ممّن يحققون أرباحاً أكبر أو لديهم ولوج أكبر على الأرباح بسبب ضعف السياسات الضريبية، من أجل إنفاق الأموال ضمن سياسة التنمية الشاملة.