تدفع شركات لبنانية ورجال أعمال ثمنا باهظا لتصاعد حدة الخلافات بين بيروت والرياض على خلفية أزمة تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي بشأن الحرب في اليمن، وفقا لوكالة أسوشييتد برس.
من بين هذه الشركات، بحسب الوكالة، شركة لتنظيم الحفلات الموسيقية ووكالة اتصالات ومعمل للقرطاسية، جميعهم خسروا كثيرا من الأموال بعد أن الغيت عقودهم مع السعودية.
كانت شركة “دي جي كلوي” على بعد أيام من التوجه للرياض لتقديم عروض في أحد أحدث مراكز الترفيه في العاصمة السعودية قبل أن تتلقى رسالة عبر واتس آب مفادها أن العقد لن يمضي قدما.عملت وكالة اتصالات نايلة الخوري، ومقرها بيروت مع شركات سعودية لأكثر من عقد، وكانت تأمل في إحياء مشروع ترفيهي تأخر إنجازه بسبب جائحة كورونا، لكن العميل السعودي أبلغها بتجميد العقد، وهو ما جرى أيضا لصاحب معمل لقرطاسية كان يخطط لزيادة صادرته للمملكة.
تقول أسوشييتدبرس إن هؤلاء هم بعض ضحايا رد الفعل السعودي الغاضب على لبنان في أكتوبر الماضي على خلفية تصريحات قرداحي.
وتثير الأزمة الدبلوماسية بين البلدين قلق اللبنانيين، لا سيما العاملين في دول الخليج، في وقت يعاني فيه لبنان بالفعل من انهيار اقتصادي غير مسبوق، بحسب بالوكالة.
وتضيف أن الإجراءات السعودية تهدد بتفكيك ما تبقى من قاعدة صناعية في لبنان، بعد أن أجبرت الأزمة المصرفية في البلاد شركات عدة على تقليص حجمها، كما أدى نقص الوقود إلى جعل لبنان أحد أغلى البلدان في إنتاج الكهرباء.
وتنقل عن القائم بأعمال رئيس نقابة الصناعيين اللبنانيين جورج نصراوي، القول إن 15 مصنعا على الأقل من أعضاء النقابة البالغ عددهم 900 نقلوا عملياتهم إلى دول مجاورة في الأشهر الأخيرة.
وأضاف أن “المزيد يفكرون في الانتقال، مما يعرض المزيد من الوظائف للخطر”.
ويرى البعض أن الإجراءات السعودية ترقى إلى مستوى العقاب الجماعي الذي مكّن إيران وحلفاءها بشكل فعال.
وتنقل الوكالة عن الخبير الاقتصادي الذي تتفق آراؤه مع آراء حزب الله، زياد نصر الدين، إن انسحاب الشركات الخليجية من لبنان يفتح الأبواب أمام مستثمرين بديلين.
وقال إن “التوجه شرقا هو أحد تلك البدائل”، في إشارة إلى الصين وروسيا وإيران والعراق.
وبدأت الأزمة الدبلوماسية بين البلدين على خلفية تصريحات لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، سجلت قبل توليه مهامه، وتم بثها في أكتوبر، قال فيها إن المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن “يدافعون عن أنفسهم” في وجه “اعتداء خارجي” من السعودية والإمارات.
وطلبت السعودية ثم البحرين والكويت من رؤساء البعثات الدبلوماسية اللبنانية مغادرة أراضيها، واستدعت سفراءها من بيروت. كما استدعت الإمارات دبلوماسييها من بيروت، وقررت السلطات الكويتية “التشدد” في منح تأشيرات للبنانيين.
وبينما أعربت الحكومة اللبنانية مرارا عن “رفضها” تصريحات قرداحي، مؤكدة أنها لا تعبر عن موقف لبنان الرسمي، رفض قرداحي الاعتذار، وقال لقناة محلية إن استقالته “غير واردة”.
وتشهد العلاقة بين لبنان والسعودية فتورا منذ سنوات على خلفية تزايد دور حزب الله، الذي تعتبره الرياض منظمة “إرهابية” تنفذ سياسة إيران، خصمها الإقليمي الأبرز.
وأنفقت السعودية ودول الخليج العربية الأخرى في ما مضى مليارات الدولارات مساعدات للبنان، وما زالت تقدم فرص عمل وملاذا لكثير من المغتربين اللبنانيين. لكن هذه الصداقة توترت منذ سنوات نتيجة النفوذ المتنامي لجماعة حزب الله اللبنانية القوية المدعومة من إيران.
والشهر الماضي أفاد تحليل نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن خسائر الاقتصاد اللبناني بسبب الأزمة اللبنانية السعودية تبلغ نحو 300 مليون دولار وفقا لتقديرات غير رسمية.
lebanonfiles