«أمن وسلامة المصرفيين خطّ أحمر». هذا هو الشعار الذي اختاره اتحاد نقابات موظفي المصارف للاعتصام الذي ينفّذه بعد ظهر اليوم في ساحة رياض الصلح، موحياً بأن الزبائن هم مصدر الخطر، خلافاً للواقع القائم منذ ثلاث سنوات حين قرّرت المصارف أن تفرض قيوداً استنسابية على عمليات الزبائن، ثم حجزت مدخراتهم بالكامل ومنعت وصولهم إلى حقوقهم. هذا أصل المشكلة، فلم يتم تحويرها ولمصلحة من؟
في 18 تشرين الأول 2019 قرّرت جمعية المصارف، بالتنسيق مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، إقفال المصارف لبضعة أيام. القرار اتخذه مجلس إدارة الجمعية بعد التشاور مع سلامة أثناء مشاركتهم في اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي في الولايات المتحدة. حينها، انقسم أعضاء الجمعية حول تبرير قرار الإقفال؛ بعضهم قال إن الهدف منع تهافت المودعين على سحب الودائع، وآخرون تحدّثوا عن وضع متدحرج لا ينفع معه سوى وضع قيود على عمليات السحب والتحويل (كابيتال كونترول) باعتبار أن الإقفال يمنح السلطة فرصة إصدار وتفعيل العمل بقانون كهذا… هذه بعض الوقائع من قرار إقفال المصارف أول أيام الانتفاضة، لكن الإقفال يتكرّر اليوم بشكل أكثر وضوحاً مع انطلاقة انتفاضة المودعين؛ المصارف أقفلت فروعها منذ بضعة أيام لمنع المودعين من التهافت على اقتحام فروعها واستعادة أموالهم بالقوّة.استعادة ما حصل قبل ثلاث سنوات، والمقارنة مع ما يحصل اليوم، ضروري للفصل بين أصل المشكلة، وبين ما يقوم به اتحاد نقابات موظفي المصارف تحت شعار «أمن وسلامة المصرفيين خطّ أحمر». فالاتحاد يحوّل العاملين في المصارف إلى دروع بشرية يستعملها أصحاب المصارف بوجه الزبائن الراغبين في استعادة حقوقهم بالقوّة. في الواقع، لم تسجّل شوارع لبنان أي خطوة احتجاجية لاتحاد نقابات موظفي المصارف منذ سنوات، رغم أن حقوق الموظفين أُهدرت بشكل سافر خلال الفترة الماضية وأبرزها عام 2012 حين تنازل الاتحاد عن بند في عقد العمل الجماعي يمنح الموظفين زيادات كبيرة على الرواتب (الفقرة الثانية من المادة 9). ولم يُسمع صوت الاتحاد إلا حين كانت المصارف في مأزق تجهد في سبيل تبرير الإقفال أو التنكيل بالزبائن – المودعين، علماً بأن الموظفين هم أيضاً مودعون استغلّتهم المصارف وسطت على أموالهم.
محمد وهبة في صحيفة “الأخبار”