بدأت المدارس الخاصة بمراسلة أهالي الطلاب حول الأقساط المدرسية للعام الدراسي المقبل. ويفترض أن يتبلغ جميع الأهالي في كل المدارس الأقساط الجديدة في غضون نهاية شهر نيسان الحالي. وأسوة بدولرة كل السلع في لبنان لجأت المدارس إلى دولرة أقساطها، حتى لو أن بعضها سيحصّلها بالليرة اللبنانية. وتبين أن الأقساط ستكون موجعة على غالبية أهالي الطلاب، خصوصاً في ظل عدم تصحيح الرواتب والأجور.
التعليم بالدولار وإلا
في بعض المدارس، من خارج اتحاد المدارس الخاصة، أي مدارس البعثات الفرنسية والمدارس الألمانية وغيرها، وصلت الأقساط إلى 6 الاف دولار، مثلما هي الحال في الكوليج الدولية (6 الاف دولار و80 مليون ليرة لبنانية). وفي المدارس الألمانية وصل القسط إلى نحو 5 الاف دولار و50 مليون ليرة لبنانية. أما في مدارس البعثات الفرنسية فيتراوح القسط بين 1700 دولار و2200 دولار، إضافة إلى ما بين 40 و60 مليون ليرة.
بما يتعلق بمدارس اتحاد المدارس الخاصة، أي الغالبية العظمى من المدارس الخاصة (الانجيليات والكاثوليكيات والرهبانيات ومدارس المصطفى والمقاصد والمبرات والأمل والحريري وغيرها) ستتراوح الأقساط بين 1200 إلى 2500 دولار إضافة إلى القسط بالليرة اللبنانية.
مصادر مطلعة على المداولات داخل “الاتحاد” لفتت إلى أن معدل الأقساط في المدارس الخاصة سيكون بين 1300 و2200 دولاراً. بعض المدارس أبلغت أهالي الطلاب وبعضها الآخر يتريث. فالمدارس الخاصة لن تستطيع الاستمرار بتعليم الطلاب في حال لم تتخذ قرارات جذرية في دولرة الأقساط، بعدما بات كل شيء مدولر في البلد. فلا يمكن المواطن دفع كل شيء بالدولار من كهرباء وماء وغذاء، وعندما يأتي إلى التعليم يدفع بالليرة، تقول المصادر، وتضيف إنه لضمان تعليم الأولاد بشكل جيد يجب أن يتلقى الأستاذ أجراً جيداً.عشوائية الأقساط وغياب الرقابة
رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة لما الطويل حذرت من تمادي المدارس الخاصة في فرض أقساط عشوائية على أهالي الطلاب، خصوصاً أن إدارات المدارس لا تكشف عن ميزانياتها. وأكدت أن خلاف الأهل مع المدارس لا يقتصر على حجم الأقساط الجديدة، بل على المدفوعات التي تطلبها المدارس من خارج القسط أيضاً. أي القرطاسية والهندام والتأمين والبرامج الخاصة، التي يصل معدلها إلى نحو خمسمئة دولار.
واعتبرت الطويل أن أداء أغلبية إدارات المدارس حالياً لا يختلف عن السنوات السابقة لناحية الزيادة العشوائية للأقساط، وذلك وسط غياب تام للرقابة من المسؤولين في وزارة التربية. وإذ أكدت أن الوضع الاقتصادي الصعب يطال الجميع، لفتت إلى أن غياب الشفافية يؤدي حتماً إلى خسائر تطال جميع مكونات الأسرة التربوية، وخصوصاً لناحية النزوح من المدارس الخاصة أو لناحية التسرب المدرسي.
ودعت الطويل إلى انشاء لجنة رقابية للتدقيق بموازنات المدارس يكون فيها الأهل شركاء حقيقيين، ووضع سقوف وضوابط للتفلت الحاصل، حفاظًا على استمرارية المدارس وجودة التعليم، خصوصاً أن المدارس لا تلتزم بأي قرارات تصدر عن الوزارة.
نزوح الطلاب في الخاص
شهدت السنتان السابقتان نزوحاً من المدارس الرسمية إلى مدارس خاصة مجانية، بسبب إضراب الأساتذة. وكان هناك نزوح من المدارس المرتفعة الأقساط إلى مدارس خاصة أخرى. بالمقابل شهدت المدارس المترفعة الأقساط قدوم طلاب جدد من أبناء الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار، لأن الأقساط كانت مناسبة لهم طالما أن الجزء الأكبر منها بالليرة اللبنانية. لكن مع بدء مرحلة رفع الأقساط وتخصيص جزء كبير منها بالدولار النقدي بدأ العديد من أهالي الطلاب بالبحث عن خيارات بدلية. أما موظفو القطاع العام، الذين يتقاضون رواتب بالليرة اللبنانية (الممولون الأساسيون لكبرى المدارس الخاصة طوال السنوات الفائتة) فلن يكون بمقدورهم تحمل أعباء المدارس الخاصة، التي اعتادوا عليها سابقاً. ما يعني أن المدارس الخاصة ستشهد نزوحاً من المدارس الخاصة المرتفعة الأقساط إلى مدارس أخرى أقل وطأة على الأهالي.
كارثة تربوية وسط غياب التربية
لكن المشكلة الكبرى في العام المقبل، والتي لم يفكر بها المسؤولون في وزارة التربية، هي موجة النزوح المعاكس من المدارس الخاصة إلى المدارس الرسمية، بخلاف السنتين الفائتتين، وصولاً إلى التسرب المدرسي. فالوزارة تبحث خيارات دمج المدارس وتقليص الهيئات التعليمية في القطاع الرسمي، فيما يفترض منطق الأمور وضع خطة تربوية لدعم القطاع الرسمي، لتلافي الكارثة التربوية العام المقبل. وما بدر عن كبار المسؤولين في وزارة التربية لا يشي بأن مسار السياسات التربوية الخاطئة سيتوقف. وأبلغ دليل عزم وزارة التربية على إجراء الامتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة. ووفق مصادر مطلعة على المداولات داخل الوزارة كلفة امتحانات الشهادة المتوسطة قدرت بنحو مليون وسبعمئة ألف دولار. أما كلفة امتحانات الشهادتين المتوسطة والثانوية العامة فتصل إلى خمسة ملايين دولار. وفي وقت تحتاج الوزارة إلى تمويل خارجي لتمويل الامتحانات، لا تقلع عن مسار الهدر في امتحان للشهادة المتوسطة، كان يفترض أن يلغى منذ زمن بعيد.
وتبين أن الوزارة عازمة على إجراء امتحانات الشهادة المتوسطة لسبب غير تربوي. بل يتعلق ببدل الاتعاب التي تنالها اللجان الفاحصة. كما أن روابط المعلمين طالبت بإجرائها لتعويض ما خسره أعضاء اللجان والأساتذة من تراجع قيمة رواتبهم.